أهلاً ومرحباً بكم في مدونة أم النور Jesus وهى تحتوى على مجموعة من الخدمات الدينية المسيحية الأرثوذكسية والتأملات الروحية

الاثنين، 8 فبراير 2010

نقاء القلب‏..‏ وكمال التوبة

                                                

البابا شنودة الثالث يكتب .. نقاء القلب‏..‏ وكمال التوبة

     
    كمال التوبة ليس هو مجرد عدم فعل الخطية‏,‏ إنما هو كراهية الخطة‏.‏ أي أن القلب يكون قد تنقي تماما من كل محبة للخطية أو تجاوب معها‏.‏ وهكذا يكون القلب نقيا‏.‏ إذن فالتوبة الكاملة هي علامة علي نقاء القلب‏.‏ ولكن ماهو المقياس الذي يثبت كمال التوبة؟‏.‏
‏**‏ وقد يظن الانسان انه تائب بسبب انه ترك الخطية الرئيسية التي تتعب ضميره‏,‏ ولم يعد يسقط فيها الآن اي انه لم يعد يزني أو يسرق او يغش ولم يرتكب خطايا في هذا المستوي‏.‏ لذلك استراح ضميره‏,‏ وظن انه تاب‏....!‏ وربما في نفس الوقت يكون واقعا في خطايا كثيرة يعتبرها طفيفة‏,‏ ولا تدخل في مقاييسه الخاصة بالتوبة‏.‏ مثل الحديث بافتخار عن النفس‏,‏ والفرح لمديح الناس‏,‏ وتبرير الذات باستمرار‏,‏ والتشبث بالرأي الذي يقود الي العناد‏,‏ مع إهمال بعض عناصر العبادة كالصلاة مثلا‏,‏ وربما عدم احتمال الإساءة‏,‏ وعدم دفع نصيب الله في ماله‏...‏ ومع هذا كله‏,‏ ضميره لايوبخه‏.‏ لانه لم يصل الي المستوي الذي يتبكت فيه علي امثال هذه الأمور‏.‏
إنه ولاشك محتاج الي ان ترتقي مقايسه الروحية‏,‏ لكي يتوب عن أمثال هذه الخطايا التي يعتبرها طفيفة او لايلتفت إليها باهتمام‏!‏ وعليه ان يطردها جميعها من قلبه ومن فكره‏.‏
وهنا يصعد الإنسان درجة في سلم التوبة لكي ينضج روحيا‏,‏ ويصير ضميره حساسا جدا‏.‏
فهل إذا وصل الي هذه الدرجة نحكم عليه بأنه وصل الي نقاوة القلب؟ هنا نبدي ملاحظة هامة‏,‏ لكي تكون لنا دقة في الحكم وهي‏:‏
ربما هو لايخطئ‏,‏ لأن الشيطان قد تركه الي حين‏.‏ والشيطان حكيم في المحاربة بالخطيئة‏.‏ يعرف متي يحارب‏,‏ وكيف يحارب‏,‏ وفي أية خطية يركز قتاله‏...‏ فإن وجد شخصا متحمسا جدا لحياة البر‏,‏ ومستعدا‏,‏ يتركه فترة حتي يثق هذا الإنسان بنفسه ثقة كاملة ربما تدفعه الي التهوان والتراخي وعدم التدقيق‏.‏ ثم يرجع الشيطان اليه في وقت يكون فيه اقل استعدادا وحرصا فيسهل إسقاطه‏.‏
وهذه الفترة لاتكون فترة انتصار علي الخطية‏,‏ إنما فترة عدم قتال‏.‏ إنها فترة راحة من الحروب الروحية‏,‏ وليست انتصارا من الله‏.‏ فإن وجدت نفسك لاتسقط في خطية معينة‏,‏ ربما لايعني هذا أنك تنقيت منها تماما‏.‏ وربما يرجع السبب الي ان الشيطان لايقاتلك بها حاليا‏,‏ او ربما الظروف الحالية غير مواتية‏,‏ ولاتوجد عثرات ومسببات للخطي‏,‏ ولا ما يثيرك من جهتها‏!‏ والشيطان لايقاتلك الآن‏,‏ ليس حبا في إراحتك‏,‏ وإنما لانه يجهز لك فخا من نوع آخر وربما يكون هذا الفخ هو الافتخار بنقاوتك‏.‏
ومن الملاحظ ان بعض الخطايا لها مواسم‏,‏ وليست دائمة‏.‏ إنها مثل دورات الألم أو الوجع‏.‏
تلف دورتها في عنف وشدة‏,‏ ثم تهدأ‏,‏ ثم تلف دورة اخري‏,‏ وهكذا‏...‏ أو مثل نبات له أحيانا موسم رقود وفي وقت آخر موسم إزهار وإثمار‏.‏
أو من الجائز ان الله ـ تبارك اسمه ـ اراد ان يريحك فترة من إرهاق الخطية حتي لاتبتلع نفسك من اليأس‏.‏ لذلك تدركك مراحم الله‏,‏ وتحفظك النعمة وتسندك ولو إلي حين‏.‏ فتمر عليك فترة هدوء لاتزعجك الخطية‏,‏ لأنك غير مقاتل بها حاليا‏.‏
أو من الجائز انك مستريح الآن لأن صلوات قد رفعت لأجلك‏,‏ سواء من قديسين في السماء‏,‏ او من أحباء لك علي الأرض‏.‏ واستجاب الرب لهم‏,‏ واسترحت من الخطية وضغطاتها‏.‏
ولذلك نقول ان هناك فرقا بين نقاوة الأطفال‏,‏ ونقاوة الناضجين سنا وروحا‏.‏ حقا ان الاطفال لهم قلب نقي بسيط لم يعرف الخطية بعد‏,‏ ولم يدخلوا بعد في حرب روحية‏,‏ ولم تختبر إرادتهم بعد‏.‏ اي انهم لم يصلوا الي السن التي تختبر فيها ارادتهم‏.‏ وهم غير الكبار الناضجين الذين دخلوا في حروب العدو وقاتلوا وانتصروا‏,‏ ورفضت ارادتهم الحرة كل اغراءات الخطية‏.‏ هؤلاء لهم مكافأة الغالبين التي ليست للأطفال‏.‏ وما أعظم الذين يصلون الي نقاوة مثل نقاوة الاطفال بعد صراعات وحروب روحية خرجوا منها منتصرين‏.‏
والنقاوة الكاملة هي نقاوة من جميع الخطايا بكل صورها وأنواعها‏.‏ سواء كانت بالعمل او بالفكر‏,‏ أو بالحواس‏,‏ أو بمشاعر القلب‏,‏ او بسقطات اللسان‏.‏ ولاتظن اذن انك قد وصلت الي درجة نقاء القلب‏,‏ إن كنت قد تخلصت من بعض الخطايا التي كان لها سلطان عليك‏,‏ إنما النقاوة الحقيقية هي النقاوة الكاملة الشاملة بحيث لايكون لأية خطية من الخطايا سلطان عليك‏,‏ فهل انت كذلك؟ وهل تنقيت من جميع الخطايا حتي التي تتنكر في كل فضيلة لتخدعك‏.‏
والنقاوة الحقيقية تكون نابعة من القلب وليست مظهرية خارجية‏.‏ يذكرني هذا الامر بأن كثيرا من الوعاظ حينما يتكلمون عن حشمة المرأة‏,‏ يركزون علي ملابسها وزينتها وشكلها الخارجي‏,‏ دون ان يهتموا بالقلب ومحبة العفةوالحشمة فيه‏,‏ هذا الذي إذا وصلت إليه المرأة‏,‏ يكون من نتائجه تلقائيا حشمة الملابس والزينة‏.‏ كذلك ينبغي للعمل النقي‏,‏ أن يكون نقيا ايضا في أهدافه ووسائله‏,‏ ويحكم عليه ضمير صالح غير منحرف‏,‏ ويعتبر الانسان نقيا تماما لو دخل في كل حرب مع الخطية في عمقها وشدتها ولم يهتز‏.‏ فاختبار نقاوة القلب يأتي من الحروب الروحية الشديدة في استمرارها وإلحاحها‏.‏ لان الشخص قد ينتصر مرة‏,‏ ولكنه لو استمرت الضغوط مدة طويلة ربما يضعف امامها ولايقوي علي المقاومة‏.‏ والشيطان يختبر كل شخص‏,‏ ويدرس نواحي الضعف فيه‏,‏ ويضغط بشدة علي نقط الضعف‏,‏ وتزداد حروبه قسوة‏.‏ إن نقاوة القلب درجة عالية جدا‏,‏ لاتكون في بدء الحياة الروحية إنما قد يصل اليها الانسان بعد اختبارات طويلة منتصرا علي كل أنواع الخطايا‏,‏ فكرا‏,‏ وقلبا وحواسا ولسانا وجسدا وعملا‏.‏

اذكرونى فى صلواتكم

ليست هناك تعليقات:

كتب أبونا الراهب الأبيل/ إسحق المحرقى

  • 1- المختصر في تعريف بنوة الله "الطبعة الثالثة".
  • 2- العالم الروحي غير المنظور "جزءآن" .
  • 3- المملكة الدجالية ونهاية العالم "الجزء الأول الطبعة الرابعة ، الجزء الثاني الطبعة الثانية ، الملحق " .
  • 4- النفس البشرية والمجازاة الأبدية "جزءآن".
  • 5- حل المشكلات الرياضية في الأسفار الإلهية "سبعة أجزاء ".
  • 6- تعليم اللغة المصرية أو القبطية "ثلاثة أجزاء".
  • 7- سمة المسيحيين ووسام المؤمنين "جزءآن - طبعة ثانية ".
  • 8- سر التوبة"الاعتراف".
  • 9- كشف البيان فى سر تجسد الديان .
  • 10- التثليث والتوحيد "الطبعة الثانية".
  • 11- المرشد الأمين في تعزية الحزين "الطبعة الثانية ".
  • 12- أساسيات الخدمة في تنشئة الفتية "خدمة مدارس الاحد".
  • 13- دليل االهداية وبيت العبادة.
  • 14- الصلاة الربانية... وكلمة سلاه.
  • 15- الخلافات البروتستانتية للكنيسة الأرثوذكسية "12 جزء".
  • 16- تاريخ الكنيسة قبل وبعد الانشقاق.
  • 17- مقتطفات نثرية ،ومنظومات شعرية ،عن بعض شهداء المسيحية.
  • 18- نشوة الفرح ،ونغمة الترح "الطبعة الثانية".
  • 19-حياة الرهبنة ورهبنة الحياة .
  • 20- تذكار الأمومة ربيع الديمومة.
  • 21- عيد النيروز ...عيد الشهداء.
  • 22- التجارب الناجعة ، والبلايا النافعة .
  • 23- مقالات الآبيل إلى كل جليل "الجزء الأول والثاني".
  • 24- اعتقادنا الصحيح في ألوهية المسيح.
  • 25- عصمة التوراة والإنجيل من التحرفة والتبديل.
  • 26- علم الأسترونومى والوحى الإلهى.
  • 27- الخلافات الكاثوليكية للكنيسة الأرثوذكسية"أربعة أجزاء".
  • 28- منهج التوبة.
  • 29- حياة الطهارة وطهارة الحياة"جزءآن".
  • 30- الثيؤلوجى والدليل الكونى "جزءآن".
  • 31- الثورة المعمدانية والحياة النموذجية "جزءآن".
  • 32- الأنثروبولوجى والوحى الإلهى.
  • 33- المحسوبات الادمية بالواجبات العلمية "أربعة أجزاء".
  • 34- الأضواء الساطعة على المخدرات القاطعة.
  • 35- أعظم فضيلة المحبة العاملة.
  • 36- الكبرياء رذيلة والتواضع فضيلة.
  • 37- العين المنكسرة والدموع المنهمرة.
  • 38- صداقة الأمان وصون اللسان.
  • 39- حل المشكلات اللغوية في الأسفار الإلهية "أربعة أجزاء".
  • 40- البيولوجي والوحى الإلهى "المديسن . البوتني . الزولوجي".
  • 41 - فن الموزيقوس في الكتاب المقدس "جزءآن".
  • 42 - الجيمناسية ومفهوم المسيحية .
  • 43 - الجيولوجي والوحي الإلهي .
  • 44 - التوضيح الجغرافي في الوحي الإلهي "أربعة أجزاء".
  • تطلب الكتب من المؤلف الأبيل / إسحق المحرقي الاتصال من الساعة السابعة إلى التاسعة صباح كل يوم جديد على رقم الموبيل 0185853414 مع تحيات المؤلف

التسجيل في المدونة